Scan barcode
A review by nourhan09
النفق by Ernesto Sabato
5.0
“إنّه لمن الغريب حقاً أن نجد الجشع والحسد والعجرفة، والفظاظة، والشره، وبصورة عامة، كل تلك المجموعة من الصفات التي تصوغ الطبيعة الانسانية وقد تجسدت في وجه، أو في مشية، أو في نظرة. ويبدو لي أنه من الطبيعي بعد لقاء كهذا أن يفقد المرء شهيته للطعام، أو الرسم وحتى العيش أيضاً.”
.
يالها من رواية مجنونة الأحداث وعبقرية في وصف النفس البشرية ومايحصل في دواخلها من صراع بين الشر والخير,
بين الثقة والشك, وطبعاً مابين الحب والكره.
.
"ومن الحب ماقتل."
.
مقولة دائما كنا نسمعها ولكنها تجسدت حرفياً في هذه الرواية،
التي تدور أحداثها عن رسام مشهور يصارع بصمت حقده للحياة وللمظاهر والشكليات التي اصبحت جزءًا لا يتجزء من حياته,
ولكن شاء القدر إن يجمعه مع فتاة رأت شيئاً خاصاً في لوحته, شيئاً هما وحدهما من فهما المعنى الحقيقي لوجوده,
كان يحسبها النور في نهاية النفق, الخلاص من هذا العذاب, الهروب من هذه الدنيا,
ولكنها في الحقيقة كانت هي الشرارة لبدأ معاناة جديدة تُزرع في داخله ,
أكتشف معها مشاعر جديدة لم يكن يحسب لها حسبان,
صراع ومعاناة يعيش معهما كل يوم, بين حباً أسطوري, وشك مجنون, وغيرة غبية, أصبح يعيش في عذاب يومي لا راحة له.
وفي النهاية يختار إن يقتل هذا الأنسانة الوحيدة التي فهمت من هو بحق.
.
" إن العالم لفظيع ... حقيقة لا تحتاج إلى برهان "
.
الرواية فلسفية للغاية،
لقد أبدع الكاتب "ساباتو" في وصف جنون شخصية الرسام, وفي وصف صراعه اليومي الذي يتجسد بين الكره والغيرة والنقد اللاذع لتصرفات المجتمع,
وكيف كان حبيساً لذاته، وحيداً في نفق مظلم لا شريك له فيه, سوى أفكاره السوداوية والوسواس القهري تجاه كل شيء وكل شخص.
في كل سطر تقرأه هنالك مفاجئة ما تصدمك, وواقع ما يفاجئك, تميز الشخصيات وغموضها هو ماجعل الرواية تخطف الأنفاس,
وكذلك النهاية الغامضة للغاية, التي تتركك وحيداً مع مئات من الأسئلة, ولكن للأسف دون أجوبة مقنعة .
لقد تركتني الرواية في حيرة حقيقة , وهذا مايمنعني ان أضيف أكثر عنها.
لا اعلم لماذا ولكني شعرت بسوداوية "كافكا وديستوفسكي".. لقد كانت شخصية البطل مذهلة حقاً لما تجسد من تناقضات البشرية وبين خضوعها وجبروتها, كان الصراع يتجدد كل يوم وكل ثانية في اليوم, ولم يكن هنالك مهرب منه سوى الموت.
.
“فعلى كوكب صغير ، يسير نحو العدم منذ ملايين السنين ، نولد وسط الآلام ونترعرع ، ونجاهد ، ونمرض ، ونتألم ، ونسبب الألم للآخرين ، ونصخب ، ونموت ، يموت أناس ، في حين يولد آخرون ، ليبدأ تكرار الملهاة العقيمة من جديد.”